من خواطر الرياض [1]



من خواطر الرياض [1]


(1)

قد تقرأ عن فكرة؛ ثم ترى نفسك بعد سنوات تعيشها!

قد ترى صورًا لمدينة؛ ثم ترى نفسك بعد سنوات داخلها!

قد تسمع أسماء شخصيات؛ ثم تجدك بعد سنوات على صلة بهم!

قد تأتيك هدية تُضمر في نفسك أن حاجتك إليها يسيرة؛ ثم تتغير أحوالك فتصبح حاجتك لها كبيرة!

سبحان الله!

27 / 5/ 1444هـ

 

(2)

وقبل أن تُغمض عينَيك؛ انظر للسقف فوقك وتذكر مَن لا سقف له يُؤويه، ولا لحاف يُدفّيه.

قد ارتعدت فرائصه، يرجو إغماءةً تُردِيه؛ حتى تأتي الشمس فتزعجه وتُسلّيه!

وإنّا لله وإنا إليه راجعون.

29 / 5 / 1444هـ

 

(3)

أُسَرُنا الكبيرة الممتدة، وأنسابنا المعروفة المحفوظة، لا يمكن للإنسان الغربي (المعاصر) أن يفهم دورها في: سرور المرء، وعزّته، ونصرته، وشعوره بالانتماء والأمان. لا يمكنه ذلك!

فالحمد لله الذي شرع لنا من كل شيءٍ أطيبه، وحفّ أسرنا بسُور شريعته الدائمة إلى قيام الساعة.

2 / 6 / 1444هـ

 

(4)

ماذا لو تقمصّنا الشعور؟

إذا اشتقت لوالدَيك؛ فكيف بـمَن لا والد له؟

إذا اشتقت لمدينتك؛ فكيف بـمَن دُكّت مدينته؟

إذا اقشعر جسدك من لفحة البرد؛ كيف يصنع مَن لا رداء له؟!

إذا تأخر نُضج طعامك مع شدة جوعك؛ فكيف بـمَن التصق لحم بطنه بجدار معدته؟!

هذا التقمص اللحظي يُرقق طبعك، ويُؤلِّف قلبك.. فعُذ بربك وسَلْه ألا يجعلك ممَن نُزعت من قلوبهم الرحمة.

5 / 6 / 1444هـ

 

(5)

عند البوابات ومواقف السيارات وساحات الانتظار عمومًا... نرى من خلق الله الكثير، ونظن أننا جميعًا نفكر في الشيء نفسه (متى أصل إلى المنزل؟) قد لا يخطر على بال أحدنا أن غيره يحمل هم سؤال (كيف سأصل إلى المنزل؟) وشتان ما بين السؤالين! سؤالٌ مُترفٌ مكتظٌّ بالأمان، وسؤالٌ مضطرب غارقٌ في الاحتمالات!

اللهم ارضَ عن آبائنا وإخواننا وأزواجنا وأولادنا وأقاربنا الذين كفونا همًّا يحمله غيرُنا.

9 / 6 / 1444هـ

 

(6)

فيّ حبٌ فيّ وَجدُ ... واشتياقٌ لا يُحدُّ

يا (أرضَ مكةَ) قلبي ... لم يَزَلْ (باسمكِ) يهفو

(حبكِ) الساكنُ فيّ ... لم يَزَلْ يَهمي عليّ

بهجةً في الروحِ فاضت ... وسلامًا أبديًا

 * مقتبس الأصل

22 / 6 / 1444هـ

 

(7)

مفهوم (الأخوة) في الإسلام عصيٌّ على فهم الإنسان الغربي المادي البائس. عبارات من نحو: "تفضلي أختي"، "الله يفتحها بوجهك أخوي"، "يعطيك العافية يا عم"، "أبشري خالتي"، وغيرها من العبارات التي يتبادلها المسلمون على اختلاف جنسياتهم ودون رابطة دم.. لا يمكن لذهن الغربي المنطقي أن يستوعبها.

هذا يذكرني بقوله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103].

23 / 6 / 1444هـ

 

(8)

وإذا أوقفك (الشوق) وقطع فكرك.. فاكتفي باستقباله ببسمة سريعة؛ ثم أعرِض بوجهك عنه..

لأنك إن أطلت ملاقاته؛ أبكاك.. ومنعك عن عملك وهيّج عليكَ ذكراك!

فتنتكس بعد الصمود ضعيفًا، قد هدّه (الحنين) وأضناه!!

فأعرِض بحزمٍ وقل له مع توليك: إنّ لنا موعدًا قريبًا، فالصبر الصبر، وإنما الصبر ساعة، وكل آتٍ قريب، وعند الصباح يحمد القوم السُّرى، وإن الصبحَ لَقريب.... وسمّع نفسك كلَّ مُسَمَّع يتصبّر به الناس.

لعلك تنتقل بهذا اللقاء العَرَضي والتَّسميع العلني من عالَم المردّدين إلى عالَم المطبِّقين.

12 / 7 / 1444هـ

 

(9)

هناك أشياء كثيرة في حياتنا تتسامى عن المادّية والاهتمام بالمحسوس...

كما تألَف النفسُ إنسانًا وتصدّ عن آخر، دون أن يكون لقدر الجمال أو النسب أو الغنى اعتبار!

وكحبي لمكة وتفضيلي لسمومها ولفحها وتواضع مظاهر البرد فيها عن أي رقعةٍ جغرافيةٍ أخرى، 

مهما ابيضّت من البرد أو اخضّرت من الربيع...

28 / 7 / 1444هـ

 

(10)

تقوم بقلب المرء أحيانًا معانٍ؛ يرى أن محاولة التعبير عنها مُجلٍّ لنفاستها وقَدْرِها..

لكنه يُغلِق عليها وَرقَه، ويُواريها عن الأنظار؛ خشية أن تفقد بريقها بالمشاركة، أو أن يُلوِّث نضارتها سوء الفهم. فليس كل ما يجول بالخاطر قابل للتداول...

29 / 7 / 1444هـ

 

(11)

أكثر فكرة حاضرة في ذهني خلال الثلاثة أشهر الماضية، ولا أستطيع لها دفعًا (الأمن).

نعمة لا يمكن للمرء تقديرها حق التقدير إلا إذا كان في موقف يستدعي رجفة قلبه من صوت، أو ذهول عينَيه عن نوم!

نعمة حقها: الاستشعار، والشكر، والمحافظة ثم المحافظة ثم المحافظة...

والأمن الذي أعنيه هو بكل صوره: أمن الوطن، وأمن الأُسَر....

فلنسألِ الله دوام نِعَمِه، وزيادة خيرِه وفضله: ربنا إننا لـِمَا أنزلتَ إلينا من خيرٍ فقراء.

29 / 7 / 1444هـ

 

(12)

أسئلتنا صباح اليوم لبعضنا: "متى سفرك؟" بين الأربعاء والخميس والجمعة.. تفاوتت الإجابات ولكن:

تتخللها نفس الدعوة! نفس البسمة! ونفس خفقة القلب! ونفس الحماس وذات المشاعر!!

اختلفت الملامح والمدن والدول؛ أما المشاعر فواحدة!

تأمل كيف يعشق المرء أرضه!

6 / 8 / 1444هـ

 

(13)

يريد الإنسانُ شيئًا من لُبّ قلبه وقد لا يُيسر له؛ لحكمٍ قد يفهمها أو لا!

ولعل من أعم هذه الحكم أن يتذكّر المرء أنه مخلوق ضعيف، يشاء الشيء ولا يتمكّن منه؛ فيعي في المقابل عظمة الخالق المدبر الحكيم، الذي إذا أراد شيئًا قال له "كن" فيكون.

فشتان شتان!

7 / 8 / 1444

 

(14)

(الاستقرار) نعمة...

كونك الآن تعرف مكانك، وتأوي إليه، ولستَ مضطرًا لتغييره؛ هِبةٌ تتطلّب حمدًا وشكرًا، فأنت بها مرتاح البال!

8 / 8 / 1444هـ

 

(15)

إذا حزمتَ أمتعتك، وأنهيتَ ارتباطاتك؛ تذكّر سفر الآخرة!

إذا اشتقت لأرضك، واشتقت لدفئها ولمّ الشّمل فيها؛ تذكّر الجنة وطِيب أهلها.

"فحيّ على جناتٍ عدنٍ فإنها ... منازِلُنا الأولى وفيها الـمُخيّمُ

ولكننا سَبيُ العدو فهل ترى ... نعودُ إلى أوطاننا فنَسْلَمُ؟"

8 / 8 / 1444هـ

 

جمانة بنت ثروت كتبي


تعليقات